سألوا الإدعشري عن سبب رفضه التام للعودة لمسلسل للتمثيل في “باب الحارة” فكشف سر لم يتوقعه أحد

عرف الجمهور العربي الفنان السـ,,ـوري بسام كوسا من خلال شخصية “الإدعشري” في الجزء الأول من المسلسل الشهير “باب الحارة”، حيث أبدع في تقديمها وجسّـ,,ـدها بتميزٍ لافت، مما جعلها واحدة من أبرز الشخصيات المحبوبة في ذلك الموسم، إذ استطاع ببراعة أن ينقل ملامح الشخصية وتفاصيلها المعقدة، حتى أصبحت مشهداً لا يُنسى في الدراما السـ,,ـورية.
عُرض على بسام كوسا عدة مرات العودة إلى “باب الحارة” بأجزاء جديدة، وذلك بدورٍ جديد يضفي على العمل المزيد من التشويق، حيث اقترح المنتج والمخرج الراحل بسام الملا إدخال شخصية جديدة على المسلسل، وهي الشقيق التوأم للإدعشري، ليكون دخولها حافزاً لتطور أحداث القصة. ورغم الإغـ,,ـراءات المقدـ,,ـمة، رفض كوسا العـ,,ـرض بشكل قاطع، معللاً موقفه بأن المسلسل قد خرج عن إطار رؤيته الأصلية التي جعلته متحمسًا للانضمام في الجزء الأول. وفي لقاء تلفزيوني، أوضح كوسا أن النجاح الاستثنائي للجزء الأول دفع البعض للتوجه نحو إنتاج المزيد من الأجزاء بهدف تجاري بحت، مما أبعده عن المشاركة في المواسم التالية، قائلاً: “باب الحارة صار ظاهرة، لكنها ظاهرة تجارية أكثر من كونها فنية، لذا قررت عدم العودة”.
وبرر كوسا أيضاً قراره بالقول إن شخصيته كانت أحد أسباب نجاح المسلسل في بدايته، خاصةً أنها استُخدمت كرمز شعبي، لذا لم يجد أنه من المناسب العودة إليها تحت ذريعة توأم الإدعشري، مفضلاً أن تظل شخصيته الأصلية ثابتةً ومؤثرة في ذاكرة الجمهور كما ظهرت في الجزء الأول، بعيداً عن أي تطورات قد تخرج عن مسارها الواقعي.
هذا القرار كان له صداه بين الجمهور، حيث احترم الكثيرون اختياره، مُقدّرين التزامه بثوابته الفنية وحرصه على تقديم أعمال تتسم بالجدية والعمق، فبسام كوسا لم يكن يوماً مجرد ممثل يرضى بتكرار شخصياته، بل يسعى دائماً للتجديد وتحدي نفسه بأدوار جديدة. وأثبتت مسيرته الفنية التي شملت أعمالاً متنوعة، منها التاريخي والدرامي والاجتماعي، أنه فنان من طراز خاص، لا يفضل الظهور لمجرد الحضور بل ليقدم شيئاً مختلفاً ومميزاً.
شخصية الإدعشري لم تكن مجرد دور عابر في مسيرة كوسا، بل كانت علامة فارقة شكلت إضافة كبيرة للعمل الدرامي السوري عموماً، وأظهرت قدرات كوسا التمثيلية الفذة، التي جعلت الجمهور يترقب ظهوره، حتى بات أحد الأسماء اللامعة في الوطن العربي.
رغم غيابه عن الأجزاء اللاحقة من *باب الحارة*، حافظ بسام كوسا على مكانته كأحد أبرز نجوم الدراما السورية، وتابع تقديم شخصيات مميزة في أعمال أخرى تركت بصمة في قلوب المتابعين. فهو دائمًا ما يختار أدوارًا مركبة ومعقدة تتيح له استعراض مهاراته، مما جعله من أكثر الفنانين قدرة على تجسيد الشخصيات المتنوعة، سواء أكانت شخصيات شريرة أو طيبة أو تاريخية أو معاصرة. هذا التميز انعكس في مشاركاته بالعديد من الأعمال الدرامية مثل *سوق الحرير* و*الغربال* و*وردة شامية*، حيث استطاع من خلالها أن يتجلى في أدوار متباينة قدم فيها مستويات استثنائية من الأداء.
واعتبر كوسا أن مسلسل *باب الحارة* كان مشروعًا جماهيريًا ضخمًا في بداياته، جذب اهتمام الجمهور على مستوى الوطن العربي، وكان بمثابة منصة لإيصال البيئة الشامية بأصالتها وعراقتها. لكن نظرته النقدية للعمل ورفضه للاستمرار فيه لاحقًا تُظهر تمسكه بجودة الدور، مؤكدًا أن الدراما الحقيقية هي التي تتسم بالعمق والتجدد وليس بالاستمرار لمجرد النجاح التجاري. ويشير كوسا دائماً إلى أهمية الاختيار الفني القائم على تقديم القيمة الفنية للجمهور، معتبراً أن استغلال نجاح عمل معين لتكراره دون مبررات درامية قوية قد يضعف أثره لدى المشاهدين.
أثّر قرار كوسا بعدم المشاركة في الأجزاء اللاحقة من *باب الحارة* على مسار العمل، إذ افتقدت الأجزاء المتتالية حضوره وشخصيته الفريدة، وتغيرت ملامح المسلسل مع انضمام شخصيات جديدة. ورغم التوسع في الحبكة وإدخال شخصيات بديلة، إلا أن غياب “الإدعشري” بقي ملموسًا، مما جعل الجمهور يتذكر شخصيته التي لعبها في الجزء الأول باعتبارها من أكثر الأدوار المحبوبة والمميزة.
كما أن رفض بسام كوسا للعودة إلى *باب الحارة* ألقى الضوء على مسألة جوهرية في مسار الدراما العربية، وهي أهمية الحفاظ على مستوى فني معين دون الانسياق نحو الأعمال المتكررة. فهو يؤمن أن الفنان يجب أن يحافظ على قيمة خياراته الفنية وألا يُكرِّر أدواره بشكل يُفقدها بريقها، ويؤكد في لقاءاته الإعلامية أن التزامه بهذا المبدأ هو سر نجاحه واستمراريته في الدراما.
في النهاية، يُعدّ بسام كوسا من الفنانين القلائل الذين حافظوا على اتزانهم الفني، مقدمين نماذج متنوعة ومشوقة على الشاشة. وقد برهن من خلال اختياراته على عمق تقديره للفن وإخلاصه لجمهوره الذي يتوقع منه دائمًا أعمالًا تمتعهم وتحمل رسائل مؤثـ,,ـرة. إن شخصيته كممثل مبدع صاحب رؤية تعكس ثراء الدراما السـ,,ـورية، وتذكر الجميع بأهمية الأصالة والتجديد في العمل الدرامي، سواء كانت في المسلسلات التاريخية أو الاجتماعية أو حتى البيئات الشـ,,ـعبية الشامية التي يُبدع في تجسيدها.